اليوم باذن الله تعالى سوف اتكلم معكم عن الاعجاز العلمى فى اية النحل(الاية 69،68 من سورة النحل)
بسم الله الرحمن الرحيم
{ واوحى ربك الى النحل ان اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك زللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس ان فى ذلك لآية لقوم يتفكرون }
واوحى ربك الى النحل
هذه الجمله تثير بعض التساؤلات وهى:
لماذا خص الله النحل بوحيه دون سائر المخلوقات غير المكلفة؟ وما مظاهر هذا الوحى؟
ولماذا لم ينسب هذا الوحى الى لفظ الجلالة(الله) وهو المعبود بينما نسب الى( ربك) اى خالقك (خالق الانسان) ؟
1 - ما معنى وحى الله للنحل ؟
فى هذا الوحى تكريم للنحل وتعظيم للخدمات التى يؤديها ، ومعناه ان النحل يؤدى اعماله التى سنذكرها فيما بعد بوحى من الله ، والوحى فى هذه الحالة مقصود به الالهام اى التصرف الذى يؤدى تلقائيا بدون سبب واضح ، وبدون قصد او تفكير كما قال الله فى كتابه الكريم :
{واوحينا الى ام موسى أن أرضعيه فاذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى} (القصص الاية 7 )
لآن ام موسى لو كانت تتصرف بعقلها فى هذا الشان ما القت بوليدها فى البحر على الاطلاق ، لانه فى هذه الحالة هالك لا محالة ، والاقرب للعقل ان تخفيه بأى وسيلة ففرصة نجاته تكون اكبر ، ووحى الله للنحل يقصد به الاعمال التى يؤديها بالفطرة بناءا على الغرائز والطبائع التى اودعها الخالق فى مخلوقاته ولا تتطلب ان يتعلمها الصغير من الكبير.
ومن المعروف ان الله سبحانه وتعالى قد اودع فى جميع مخلوقاته بما فيها الانسان غرائز وطبائع تكسبها القدرة على الحياة ( عن طريق التغذية ) والاحتفاظ بالنوع ( عن طريق التكاثر ) كما جاء فى قوله تعالى :
{ وما من دابة فى الارض الا على الله رزقها } (هود 6 )
{ ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها } (هود 56 )
ولكن الفطرة التى خلق الله النحل عليها لا تقارن بفطرة اى من الكائنات الحية الاخرى سواء كانت اصغر او أكبر من النحل وسواء كانت ادنى او ارقى منه ، ولذلك استحقت ان تذكر فى هذه الآية مقرونة بوحى الله.
ومن المعروف ايضا ان الله سبحانه وتعالى خلق للحيوانات الراقية بجانب الغرائز الفطرية الموروثة فيها مستويات متفاوتة من العقل تمكنها من تقليد بعض الحركات وتعلم بعض التصرفات ، وارقى درجات العقول قد اودعها الله فى الانسان.
2 - لماذا لم ينسب الوحى للنحل الى لفظ الجلاله (الله ) ؟ :
ان كل الآيات القرآنية التى تتضمن جميع المعجزات الالهية من خلق السموات والارض ، والشمس والقمر والنجوم ، والليل والنهار ، والجبال والسحاب والامطار ، والانسان والانعام والنبات ، وكل المخلوقات الكونية والكائنات الحية منسوبة الى الله ، وفى كل منها عبرة تدعونا الى عبادة هذا الخالق القادر العظيم.
ووحى الله للانبياء والرسل ولمن اختصهم بفضله جاء منسوبا الى ذاته سبحانه فى علاه :
{ فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين } ( ابراهيم 3 )
{واذ اوحيت الى الحواريين ان آمنوا بى ولرسولى } ( المائدة 111 )
{ وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات } ( الانبياء 73 )
ووحيه سبحانه وتعالى الى الكون حين خلقه جاء منسوبا الى ذاته ايضا :
{ فقضاهن سبع سموات فى يومين واوحى فى كل سماء امرها } (فصلت 12 )
اما وحيه للارض فى سورة الزلزلة فجاء منسوبا الى ( ربك )
اى خالقك يأيها الانسان لان الارض ستتحدث بوحى من الله يوم العرض على الله وتروى اخبارك انت ايها الانسان من يوم ان جرى عليك القلم حتى لحظة قبضك :
{ اذا زلزلت الارض زلزالها* واخرجت الارض اثقالها * وقال الانسان مالها * يومئذ تحدث اخبارها * بان ربك اوحى لها * يومئذ يصدر الناس اشتاتا ليرو اعمالهم * فمن يعمل مثقال زرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال زرة شرا يره * ( سورة الزلزلة )
وكذلك وحيه او الهامه سبحانه وتعالى للنحل فقد نسبه الى (ربك) اى الى من خلقك وسواك وجعلك انسانا ، وكما ميز الله الانسان على سائر المخلوقات بارفع درجات النمو العقلى لكى يستعمر الارض ، فقد ميز النحل بوحيه وامده بارقى واسمى الغرائز والطبائع التى تمكنه من خدمة البشرية.
وفى هذة الاية مقارنة معنوية دقيقة بين العقل الذى خلقه الله للانسان ، وبين الفطرة التى خلق النحل عليها لتادية الاعمال التى الهمه بها، اذ لماذا لم يقرن هذا الوحى الى لفظ الجلالة (الله ) اى الى الاله المعبود بل قرن الى ( ربك ) بالذات اى رب الانسان الذى يقرا هذه الاية او يستمع اليها سواءا كان مؤمنا او كافرا .
منقوووووووووووول