بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الهجمة الشرسة التي تعرَّض لها الإسلام مؤخرًا في الدنمارك والتي انتهت بالرسوم المسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم - وما حدث للجاليات الإسلامية في أوروبا من اضطهادٍ وفرضِ قيودٍ على المسلمات أصبح على المسلمين في الغرب واجباتٌ جديدةٌ ومشكلاتٌ مطروحةٌ أمامهم يبحثون عن حلٍّ لها.
(إخوان أون لاين) حاور الدكتور محمد فؤاد البرازي- رئيس الرابطة الإسلامية بالدنمارك- وفي البداية سألناه:
* ما دور الرابطة في الدنمارك في مواجهة الإساءة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟
** قامت الرابطة بأدوارٍ عديدةٍ، منها القيام بأول مظاهرة احتجاجية في العالم كله وكنت أقودها بنفسي؛ حيث تعدَّت العشرة آلاف شخص، وقد أسمعت صوتَنا للعالمِ ولكنْ بشكلٍ قانونيٍّ وبموافقةِ السلطات الرسمية؛ لأننا لا نريد لأنفسنا أن نقوم بعمل خارج على القانون، ثم قُمنا بإرسال رسائل للمسئولين لنَشرحَ لهم مدَى الضرر الذي لَحِقَ بالمسلمين من هذه الإساءة، وقدَّمنا دعوى أمام القضاء ضد الجريدة، ولكن للأسف خسرناها لقولهم: "إن الصحافة حرة وإن القانون الدنماركي لا يجرِّم مثل هذه الأفعال".
* ما تقييمكم لأثر المقاطعة الاقتصادية للدنمارك؟
** ساهَمَت هذه المقاطعة في خسارة كبيرة للدنمارك، فكان مقدار الخسارة بالملايين يوميًّا؛ مما تسبَّب في اتجاه الدنماركيين إلى دخولهم في الإسلام، فقد دخل في الإسلام عقب هذه الأزمة حوالي 8 آلاف فكان لهذه المقاطعة أثرها الإيجابي.
الوحدة الغائبة:
* ما أهم مشكلات المسلمين في الدنمارك؟
** في عصرنا الحالي نتعرَّضُ لكثيرٍ من الأزمات الشديدة والهجوم الذي يهدد هويتنا الإسلامية ووجودنا، وأخطرُ ما يمكن إثارتُه النعراتُ الحزبيةُ والطائفيةُ التي تفرِّق الأمة وتُشتِّت جهودَها؛ ولهذا فنحن في أمسِّ الحاجة الآن إلى توحيد جهودنا جميعًا دون التفريق بين مذهب وآخر؛ لأننا محتاجون إلى التلاحم حتى نستطيع أن نقابل هذا التهديد الشديد، في الوقت الذي يتكاتف فيه العالم المسيحي مع القوى الصهيونية لكي يواجهوا الإسلام.
* نحن نتحدث عن الوحدة الإسلامية منذ ألف عام دون نتيجة.. ما رأيك؟
** المشكلة أن أدوات التوحيد ليست بيدِنا، ووسائل التوحيد ليست بمفكري الأمة، فالمفكر كالطبيب، لكن لا بد من عنصر آخر يقوم بتنفيذ هذه الوصفة وإعطاء العلاج، فنحن في حاجة إلى أولي الأمر الذين يحقِّقون عزةَ الأمة وتماسكها.
الاعتراف بالإسلام:
* وماذا عن حقوق المواطنين المسلمين؟
** على الرغم من حصول الجاليات الإسلامية في أوروبا على كثير من الحقوق التي كانت تفتقدها في مواطنها الأصلية التي هاجرت منها وتجنُّس الكثير منها بجنسية الدول التي يقيمون فيها وأتيح لهم التعليم في مختلف المستويات وممارسة حرية التعبير.. إلا أن هناك مشكلاتٍ عديدةً تواجههم، منها عدم الاعتراف الرسمي بالإسلام، وهذه المشكلة من أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في أوروبا وأمريكا، ففي غياب هذا الاعتراف السياسي يفقد المسلمون حقوقًا تتصل بهويتهم الإسلامية، مثل حقِّهم في تعلم اللغة العربية والتربية الإسلامية في المدارس الحكومية، وحقِّهم في وجود مقابر خاصة لدفن موتاهم، وحقِّهم في تولي بعض المناصب العليا، وحقِّهم في قانون الأحوال الشخصية.
بالإضافة إلى غياب الوسائل الإعلامية، فنحن لا نملك وسيلةً إعلاميةً على الإطلاق، سواءٌ كانت مقروءةً أو مسموعةً أو مكتوبةً، فنحن في أزمةٍ، ولا نرى وسيلةً إعلاميةً تردُّ على الهجوم على الإسلام، وإذا أردنا أن نكتب مقالاً صغيرًا في إحدى المجلات نتكلَّف الكثير.. لذلك أناشد الأثرياءَ من العالم الإسلامي إنشاءَ قناةٍ فضائيةٍ تخاطب الناس بلغاتهم؛ حتى نعرِّف الناس قضيتَنا ورسالتَنا ومشكلاتِنا، فاللوبي الصهيوني استطاع أن يصل إلى أعماق تلك المجتمعات؛ لأنه يملك وسائل إعلامية تركت تأثيرها الكبير في الرأي العام الأوروبي والأمريكي، حتى باتت نتيجةُ الانتخابات محسوبةً غالبًا قبل بدايتها لمن يؤيده الإعلام الصهيوني ويقف بجانبه، أما المسلمون فرغم ملياراتهم فهم لا يملكون شيئًا مذكورًا من وسائل الإعلام.
كما أن غياب القوة الاقتصادية يُعتبر من أهم المشكلات التي تقابل الجاليات الإسلامية في أوروبا؛ ولأننا ليس لنا قوةٌ اقتصاديةٌ مؤثرةٌ، على الرغم مما تقوم به الدول الإسلامية وأثرياء المسلمين في ضخِّ المليارات من الدولارات لإيداعها في البنوك الأوروبية والأمريكية واستثمارها في المشاريع الاقتصادية، إلا أنها لم تُستخدم لمصلحة المسلمين في الغرب، في المقابل نجد اليهود استطاعوا التأثير في السياسات الأمريكية والأوروبية لإمساكهم بزمام القوة الاقتصادية، فأهم الشركات وأضخم المشروعات وراءَها رأسماليون من اليهود.
* المسلمون في أوروبا كيف يمكن حماية حقوق الجاليات المسلمة؟
** لا بد للجاليات الإسلامية أن تفهم دينَها وإسلامَها فهمًا صحيحًا بعيدًا عن التطرف والعنف والإرهاب، كما لا بد أن نحترمَ ونراعيَ القوانين المعمول بها في هذه الدول، فلا نكون متمردين عليها، بالإضافة إلى أن دعوتَنا في تلك المجتمعات دعوةٌ إلى الله - عز وجل - بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلينا ألا نعتبر تلك البلاد لجَنْي المال فقط بل نقدِّم رسالتنا للناس ونتعلم العلوم النافعة؛ حتى لا نبقَى عالةً يُنظر إلينا كمُتسوِّلين.
منقوووووووووووووووووووووووووووووووول